مقدمة : في التنظيم الجماهيري والتنظيم السياسي الحديث يجب أن يجهد التنظيم او الحزب نفسه لكسب الأنصار والأعضاء عبر تلبيته لاحتياجاتهم واهتمامه بشؤونهم ومتطلباتهم وعليه فإن استقطاب هؤلاء للتنظيم يرتبط بعملية ممارسة الديمقراطية التي تتيح للجميع إمكانية تداول السلطة والانتخاب والقيادة ، وتصبح إجراءات العضوية أكثر انفتاحا مما هو عليه الحال في التنظيم السياسي أو الثوري الطليعي ، أو السري أو الذي يحتفظ بجناح ذو مهمات خاصة :عسكرية أو أمنية أو مخابراتية ، أو مقاومة الاحتلال…) والتي يشدد عليها للحفاظ على الأمن الداخلي للتنظيم كما يلي: اولا امن العوضية إن العضوية في التنظيم هي المنفذ الشرعي للتنظيم،وإذا ما تمكن التنظيم خاصة العامل في ظروف العمل السري –البيئة غير المستقرة- من حجز المخترقين عند أبواب العضوية فانه يكون قد أنجز أهم مهمات الأمن وهي ضمان الأمن الداخلي للتنظيم والذي يمكن تحقيقه من خلال : -1- الدقة والحذر : وحتى نحافظ على أمن التنظيم فلابد ان نمارس الدقة والحذر في استقطاب عناصر التنظيم ، ويتطلب ذلك المرور بكافة الإجراءات والاختبارات والمهمات المتتابعة بدءا من مرحلة الاختيار، والتي تعتبر مرحلة (التنقية الأمنية)، ومتابعة كافة الثغرات والحلقات المفقودة والقفزات غير الطبيعية في تاريخ الشخص الى أعلى أو إلى اسفل ماديا أو معنويا ، ونقاط الضعف الأخلاقية أو النفسية ، وصولا لمرحلة مد جسور الثقة فالصديق فالنصير من مراحل الاستقطاب التنظيمي. -2- تنمية الحس الأمني : وعلى التنظيم أن يقوم بتنمية الحس الأمني لدى أعضائه، مما يجعل العضو يحسب خطواته بدقة متناهية، كما أن التنمية- و التأهيل- يشمل زيادة الوعي السياسي للأعضاء من خلال القراءات والندوات والدورات والنقاشات،حيث يلعب ذلك دورا أساسيا في تنمية الحس الامني وتشكيل العقلية الامنية 3- - سلامة العضو: ويقوم التنظيم لوقاية وحماية أعضائه من القوى المضادة ، باتخاذ الإجراءات اللازمة بدءا من مراحل التنظيم (الاستقطاب) المتتالية من خلال التحري عن المرشحين ليحققوا الشروط التالية أ. أن يكون بالغا عاقلا راشدا متزنا و لا يشكل خطرا على نفسه أو على المحيطين به . ب. أن يبدي التزاما وقناعة بالأهداف الرئيسة للتنظيم ومنطلقاته. ت. التأكد من سلامته الأمنية بعدم وجود قفزات غير طبيعية في حياته،خاصة من الناحية المادية أو من حيث اتصالاته وعلاقاته. ث. التأكد من سلامته النفسية والتأكد من سلامته الروحية( متزن أم لا ، متذبذب أم مستقر ، شخصية قلقة أم لا ، متوتر دائما ، شديد العصبية ، ثرثار ، لا يقدر الأمور ، معقد من أهله وذويه …الخ )، مؤمن بالله ، صادق غير كاذب . ج. التأكد من سلامته الجسدية : خاصة إذا كان التنظيم يفرض تدريبات شاقة أو أوضاع ومهمات تحتاج للتحمل والصبر 4.الاختبارات: من الممكن إجراء مجموعة من الاختبارات المتخصصة كالتالي : v اختبارات نفسية للتأكد من عدم وجود ثغرات أو أمراض أو عقد نفسية لدى المرشح. v اختبارات ذهنية لمعرفة قدراته العقلية ومعرفة مدى استيعابه ومرونته الذهنية وتذكره وخياله وإبداعه ، وامكانية تطويره. v اختبارات جسدية لمعرفة مهاراته وتحمله ومدى تلاؤمه مع الظروف الصعبة . v اختبارات أمنية . ثم تدرس الطريقة المناسبة لاستقطابه ( مباشر، غير مباشر، عبر صديق ، من خلال مجموعة ، عبر إدماجه في نشاط أو عمل ( 5- - الإعداد والتكوين: ويعمل على تكوينه واعداده ، من خلال اللقاءات المتكررة معه والتحاور معه ومناقشته والطلب منه تسجيل تاريخ حياته، وتزويده بنشرات الحركة والنظام الأساسي و بلائحة العقوبات. 6- المراقبة أثناء تنفيذ المهام :حيث تتخذ الإجراءات الأمنية لمراقبة نشاطاته ، والتكليفات التي سينفذها ، ويُقيَّم أداءه في العمل، ويراقب ما بعد النشاط ، واذا ما افشى بأسرار نشاطاته ، وتعاد هذه الرقابة كل فترة من الزمن (كل ستة اشهر( 7. - ا لتدريب من خلال الدورات : يتم إشراكه في دورة (دورات) أمنية مختلفة ليتعلم مفاهيم وتقنيات المحافظة على أمنه الذاتي من خلال قائمة من الإرشادات و التعليمات والنصائح ليحافظ على لسانه حصيناً ، ونزع أي غرور منه ، والتأكد الدائم من التزامه بالتعليمات في حياته اليومية والطبيعية ، والتزامه بالساتر المتفق عليه والذي يخفي وراءه حقيقة عمله ونشاطه ( في حالة النشاط السري بالطبع) ، والقصة التي سيدلي بها عند تعرضه للخطر أو الاعتقال ، كما ستتطرق هذه الدورة (الدورات) الأمنية إلى أساليب التملص من المراقبة بعد كشفها ، و إجراء اختبارات كشف المراقبة…الخ. إن اتباع هذه الإجراءات يمنع الاختراقات ، ويشكل نظاما دقيقا لانتقاء الأفراد ونوعية الأعضاء ، بهدف خلق الحس الأمني، والتوعية والتعريف بالحركة وبقانون العقوبات الذي يزوده بالمعرفة المسبقة للمصير الذي سينتظره لو سولت له نفسه كشف أسرار التنظيم أو تعريضه للخطر أو الانهيار في التحقيق . كما إن المعرفة بقانون العقوبات يقوي المعنويات ويمنع الفرد من الانهيار . 8. السلامة الإدارية : وعلى التنظيم للحفاظ على أمنه إن يمنع المؤثرات المعنوية والإدارية ( الخلل الإداري )، وتلك المؤثرات التي قد تؤدي إلى القلق الشديد أو الاكتئاب أو الإحباط أو الشعور بالتناقض ، وتحصين الفرد بالوعي وبالعقيدة والأيمان. وعلى العضو إن يتعلم وان يتذكر أن الخطأ الأمني إن وقع لا يمكن ازالتة ومحوه بل يتراكم، لذا لا يجوز الاستهتار ، بل استمرار حالة الحذر والتعود عليها ، وعلى كل مناضل إن يتذكر أنه لا يدفع وحدة ثمن أخطائه بل يدفع الآخرون الثمن . 9. - خطط الطوارئ : بأن يضع التنظيم باستمرار خطط الطوارئ ، ويطبقها عند الشعور بالخطر، أو اعتقال أحد من أعضائه أو اكتشاف أمر عمل تحت التنفيذ . 10. - التخصص ووحدة المرجعية : يحظر التنسيق بين الخلايا والمجموعات العاملة في ظروف العمل السري إلا بأمر مركزي وتُعمم التجربة بواسطة القيادة فقط ، ولا يجوز الجمع بين المهمات ، مع ضرورة التأكيد على التخصص في العمل حيث إن التخصص أحد الأشكال الهامة للحفاظ على أمن التنظيم . 11. - الاعتماد على الذات : وهو من أهم العناوين للحفاظ على أمن التنظيم وهذا منهج دائم وحتى في التمويل . ثانيا :أمن الخلية ( المجموعة ( تعتبر الخلية هي الوحدة التنظيمية القاعدية التى تشكل الأساس في العمل التنظيمي وهي اللبنة الأساسية للتنظيم ، وحتى نحافظ على أمن التنظيم لا بد إن يكون مدماكه الأول-الخلية- متيناً وصلباً ، وحتى تكون كذلك لا بد إن يكون قائد الخلية ذو تجربة نضالية و أمنية ، ويمتلك الخبرة ويتصف باليقظة الثورية ويدقق في اتباع أعضاء الخلية لتعليمات الأمن المستديمة : فيما يتعلق بأمن الأعضاء ، واجتماعهم ، ووثائق الخلية و اتصالاتها ، ومقرات اجتماعها ، وتمويلها . ثالثا : أمن الاجتماعات خاصة في ظروف السرية والخطر : حيث لا بد من وجود المبررات الأمنية الكافية للتردد على مكان الاجتماع ، والاتصالات التى تسبق ذلك ، لانعقاده وإلغائه ، والوثائق التى يحملها أعضاء الخلية ، وإشارات التعارف والخطر ، وإخضاع المكان للمراقبة ، والطرق المسلوكة من والى الاجتماع ، والموعد البديل في حال الطوارئ ، والإجراءات الواجبة في حال المفاجأة ، وتقليل عوامل الصدفة إلى أبعد الحدود ، وكل ذلك يتم تعليمه والتدريب عليه ووضعه في كراس التعليمات المستديمة الواجب اتخاذها بشكل دائم . رابعا:أمن العملية السرية : إن نجاح أي عملية يعتمد على مجموعة عناصر أهمها ترتيب أمن العملية ، ويعتمد أمن العملية بشكل خاص على قائد العملية وعلى استطلاع الهدف . إن الوصول إلى أهداف التنظيم في ظروف العمل السري لا يكون إلا من خلال العمليات السرية، ولذا كان الحفاظ على أمن العمليات السرية للتنظيم ، الفيصل لتحقيق أهدافه وجزءا هاما وأساسيا من أمن التنظيم ، ويدخل في إطار أمن العملية السرية ، الاستطلاع وأمنه ( أمن المستطلع ) وأمن التقرير الناتج عن عملية الاستطلاع . خامسا :أمن الاتصالات والمواصلات ( وسائط النقل ( ضرورة الحفاظ على أمن الاتصالات والتي يقوم بها التنظيم والتي تُسيِّر حياته ، وتنشط أطره ومستوياته التنظيمية ، وان يتم اعتماد لغة أمنية خاصة (شفرة) في هذه الاتصالات سواء عبر الورق أو الهاتف أو المقابلة الشخصية أو الحاسوب ، وان تتخذ إجراءات للحفاظ على سلامة وسائط النقل من التلف أو التخريب أو الاختراق . سادسا :أمن المنشات والمقرات وأماكن الاجتماعات : وهي المنشآت التى يستعملها التنظيم ، والتي تحفظ فيها وثائقه ، وكشف كل المراقبات من القوى المضادة لهذه المنشآت ، وتحديد الداخلين والمترددين عليها ، واعتماد لائحة وتعليمات الأمن المستديم فيما يتعلق بهذه المنشات . سابعا :أمن الوثائق و المعلومات: سواء كانت هذه الوثائق على ورق أو في أجهزة الحاسوب وغيرها ،حيث من الضروري التأكد من العاملين عليها ، ودقة اختيارهم ومراقبتهم المستمرة ، وكذلك الالتزام بالتعليمات الأمنية المستديمة في الحفاظ على هذه الوثائق ودرجة تصنيفها وتحديد المسموح لهم الاطلاع عليها ، واتخاذ كافة الإجراءات و الاحتياطات لمنع العدو من الحصول عليها ومنع مراقبة أي تسريب لها – وتحميل مسؤولية الحفاظ على الوثائق أو المعلومات الكادر المسؤول عنها مباشرةً ، واتخاذ خطة طوارئ للحفاظ عليها أو إتلافها في حالات الخطر . ثامنا :أمن المواد( مستلزمات العمل السري )وضرورة حفظها واختيار المكان المناسب أمنيا ، ويمكن الدفاع عنه ،والحفاظ على هذه المواد سليمة ، واتخاذ الإجراءات الأمنية لمنع وصول العدو إليها وكشفها . الخاتمة : إن الحفاظ على أمن التنظيم يستلزم اتخاذ كافة الإجراءات والاحتياطات الأمنية اللازمة للحفاظ على أعضاء التنظيم وأمنهم الذاتي ، كما أن شكل التنظيم ومستوياته وأطره وأمنه تعتمد على ظروف العمل والواقع وعلى أهداف التنظيم وأسلوب تحقيقها.إن اختيار شكل التنظيم يتناسب مع الحالة الأمنية في البيئة التي نشأ فيها التنظيم ( مضطربة أم مستقرة ، سرية أم شبه سرية أم علنية ، حالة نضال سلمي أم ثوري ) ، ويتم اتخاذ شكله وأمنه حسب الأسلوب المعتمد والواجب لتحقيق أهدافه وغاياته. وإذا ما آمنا واعتقدنا بديمومة حالة الصراع واستمرارها مع العدو فإن السرية واجبة في العمل التنظيمي ، إن لم يكن كليا ، فجزئيا ، أي يجب أن يكون هناك جناح للعمل السري أو الخاص في التنظيم ، وأن يحافظ - بالتالي- على مستوى عال من أمن التنظيم . إن التقدير السياسي للوضع في المنطقة وفلسطين يفرض نفسه على العامل التنظيمي ، وان أي تقدير سياسي خاطئ سيعكس نفسه على العملية التنظيمية ، ويجعلها عارية ومحبطة وفاشلة في لحظة الخطر واحتدام حالة الصراع ، وسيسهل حالة الانهيار لهذا الوضع التنظيمي. إن الاستعداد للانتقال إلى حالة الاعتراف بديمومة الصراع الذي يفرضه طبيعة الصراع الحضاري وعقلية العدو غير القابل للتخلي عن نواياه الاحتلالية والإرهابية والعدوانية والرافض للسلام تتطلب إجراءات داخلية ، وتتطلب تأهيلا، وتتطلب قيادة ظل ، لا قيادة علنية وسرية في أن واحد ، وتتطلب تخصصا ، وتتطلب (جهاز إنذار) داخل التنظيم ، ويتطلب كل ذلك تقييما للتجربة السابقة والاستفادة من دروسها وعبرها، ويتطلب تطهير التنظيم ككل -ومنه الجناح العامل في الإطار الخاص- وتنقيته من المتسللين ، المشبوهين ، والطحالب والمتسلقين..الخ. وكل ذلك يتم من خلال الاستقطاب وحسن انتقاء الكادر خاصة الذي سيتحمل المسئولية الأمنية داخل التنظيم . إن حربنا مع العدو هي حرب إرادات وحرب عقول ، والعقول تدعم الارادات و بهذا ننتصر ، وبهذا نقلص من حجم الضحايا والإحباط ، وبهذا وذاك نعيد الهيبة والاحترام للحركة الوطنية الفلسطينية
16:08
3asefa
0 comments:
Post a Comment